الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: البدر المنير في تخريج الأحاديث والآثار الواقعة في الشرح الكبير
.الحديث الحَادِي عشر: هَذَا الحَدِيث رَوَاهُ مَالك عَن زيد بن سَالم، عَن سعيد بن الْمسيب «أَن رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم نهَى عَن بيع اللَّحْم بِالْحَيَوَانِ» وَهَذَا مُرْسل كَمَا ترَى وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي مراسيله من حَدِيث القعْنبِي، عَن مَالك بِهِ، قَالَ الرَّافِعِيّ فِي تذنيبه: وَقَوي هَذَا مَعَ إرْسَاله فَإِن الصَّحَابَة عمِلُوا بِهِ، ودرجوا عَلَيْهِ. قلت: وَرُوِيَ مُسْندًا من حَدِيث سهل بن سعد وَابْن عمر رَضي اللهُ عَنهما أما حَدِيث سهل فَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ بِلَفْظ: «نهَى رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن بيع اللَّحْم بِالْحَيَوَانِ» ثمَّ قَالَ: تفرد بِهِ يزِيد بن مَرْوَان، عَن مَالك، عَن الزُّهْرِيّ عَنهُ، وَلم يُتَابع عَلَيْهِ، وَصَوَابه مَا فِي الْمُوَطَّأ: عَن زيد، عَن سعيد مُرْسلا. وَقَالَ الْبَيْهَقِيّ: رَوَاهُ يزِيد بن مَرْوَان هَكَذَا وَغلط فِيهِ، وَالصَّحِيح مَا فِي الْمُوَطَّأ يَعْنِي مُرْسلا. وَقَالَ ابْن الْجَوْزِيّ: هَذِه الطَّرِيق لَا ترضي. قَالَ يَحْيَى بن معِين: يزِيد بن مَرْوَان كَذَّاب. ووهاه ابْن حبَان أَيْضا. وَأما حَدِيث ابْن عمر فَرَوَاهُ الْبَزَّار فِي مُسْنده بِلَفْظ: «أَنه عَلَيْهِ السَّلَام نهَى عَن بيع الْحَيَوَان بِاللَّحْمِ» رَوَاهُ من حَدِيث ثَابت بن زُهَيْر، عَن نَافِع عَنهُ، وثابت هَذَا ضَعَّفُوهُ، وَالصَّحِيح فِي هَذَا الحَدِيث الْإِرْسَال كَمَا صرح بِهِ الدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيّ وَغَيرهمَا، قَالَ عبد الْحق: الصَّحِيح أَن هَذَا الحَدِيث مُرْسل كَمَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي مراسيله، قَالَ: وَلَا أعلمهُ مُسْندًا إِلَّا من حَدِيث ثَابت بن زُهَيْر، عَن نَافِع، عَن ابْن عمر. قَالَ أَبُو حَاتِم الرَّازِيّ: ثَابت هَذَا مُنكر الحَدِيث ضَعِيف لَا يشْتَغل بِهِ. وَذكر الْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه: حَدِيث مَالك شَاهدا لحَدِيث الْحسن، عَن سَمُرَة «أَن رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم نهَى عَن بيع الشَّاة بِاللَّحْمِ» قَالَ: وَهُوَ صَحِيح الْإِسْنَاد، رُوَاته عَن آخِرهم أَئِمَّة حفاظ ثِقَات. قَالَ: وَقد احْتج البُخَارِيّ بالْحسنِ، عَن سَمُرَة. وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه ثمَّ قَالَ: هَذَا إِسْنَاد صَحِيح. قَالَ: وَمن أثبت سَماع الْحسن الْبَصْرِيّ من سَمُرَة عدَّه مَوْصُولا، وَمن لم يُثبتهُ فَهُوَ مُرْسل جيد انْضَمَّ إِلَى مُرْسل سعيد بن الْمسيب وَالقَاسِم بن أبي بزَّة، وَقَول أبي بكر الصّديق يَعْنِي الْآتِي. هَذَا آخر الْكَلَام عَلَى أَحَادِيث الْبَاب بِحَمْد الله وَمِنْه. .وَأما أَثَره: .باب الْبيُوع الْمنْهِي عَنْهَا: .الحديث الأول: هَذَا حَدِيث صَحِيح وَقد سلف بَيَانه فِي أثْنَاء بَاب مَا يَصح بِهِ البيع. فَائِدَة: حَكِيم هَذَا ولد فِي جَوف الْكَعْبَة وَلَا يعرف أحد ولد فِيهَا غَيره، وَأما مَا رُوِيَ عَن عَلّي رَضي اللهُ عَنهُ أَنه ولد فِيهَا فضعيف، وَخَالف الْحَاكِم فِي ذَلِكَ فَقَالَ فِي الْمُسْتَدْرك فِي تَرْجَمَة عَلّي أَن الْأَخْبَار تَوَاتَرَتْ بذلك، وعاش حَكِيم مائَة وَعشْرين سنة، سِتِّينَ فِي الْجَاهِلِيَّة وَسِتِّينَ فِي الْإِسْلَام، أَي حِين انْتَشَر وشاع فِي النَّاس وَذَلِكَ بعد الْهِجْرَة بِنَحْوِ سِتّ سِنِين، قَالَ النَّوَوِيّ فِي تهذيبه: وَلَا يُشَارِكهُ فِي هَذَا إِلَّا حسان بن ثَابت. قلت: لَيْسَ كَذَلِك فقد شاركهما فِي ذَلِكَ ثَمَانِيَة أنفس كَمَا ذكرته عَنْهُم فِي الْمقنع فِي عُلُوم الحَدِيث تأليفي فَرَاجعه، فَإِنَّهُ من الْمُهِمَّات المستفادة الَّتِي يرحل إِلَيْهَا. .الحديث الثَّانِي: .الحديث الثَّالِث: هَذَا الحَدِيث صَحِيح أخرجه الشَّيْخَانِ فِي صَحِيحَيْهِمَا بِهَذَا اللَّفْظ وَزَادا: «كَانَ أهل الْجَاهِلِيَّة يتبايعون لُحُوم الْجَزُور إِلَى حَبل الحبلة. أَن تنْتج النَّاقة مَا فِي بَطنهَا ثمَّ تحمل الَّتِي نتجت، فنهاهم النَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن ذَلِكَ» وَفِي رِوَايَة: «كَانُوا يتبايعون الْجَزُور إِلَى حَبل الحبلة، فَنَهَى النَّبِي عَنهُ» ثمَّ فسَّره نَافِع: أَن تنْتج النَّاقة مَا فِي بَطنهَا. وَهَذَا يدل عَلَى أَن التَّفْسِير الأول لَيْسَ من كَلَام ابْن عمر، وَإِنَّمَا هُوَ من كَلَام نَافِع، وَقد قَرَّرَهُ كَذَلِك الْخَطِيب فِي كِتَابه الْفَصْل للوصل المدرج فِي النَّقْل. تَنْبِيه: وَقع فِي جَامع المسانيد لِابْنِ الْجَوْزِيّ عقب إِخْرَاجه لَهُ من حَدِيث ابْن عمر «أَنه عَلَيْهِ السَّلَام نهَى عَن بيع حَبل الحبلة» أَن مُسلما انْفَرد بِإِخْرَاجِهِ، هَكَذَا قَالَ، وَقد أَخْرجَاهُ بِلَفْظ آخر، قَالَ ابْن عمر: «وَكَانُوا يتبايعون...» إِلَى آخِره، وَلَيْسَ كَمَا ذكر من أَن مُسلما انْفَرد بِاللَّفْظِ الْمَذْكُور، فقد أخرجه أَيْضا كَذَلِك. فَائِدَة: الْحَبل والحبلة بِفَتْح الْحَاء وَالْبَاء، وغلط من سكن الْبَاء فِي حَبل، وَالْحَبل مُخْتَصّ بالآدميات وَيُقَال فِي غيرهنّ: الْحمل، قَالَه أهل اللُّغَة، قَالَ أَبُو عبيد: وَلَا يُقَال لشَيْء حَبل إِلَّا مَا جَاءَ فِي الحَدِيث. .الحديث الرَّابِع: هَذَا الحَدِيث رَوَاهُ من هَذَا الْوَجْه ابْن رَاهَوَيْه فِي مُسْنده عَن النَّضر بن شُمَيْل، نَا صَالح بن أبي الْأَخْضَر، عَن الزُّهْرِيّ أَن سعيد بن الْمسيب أخبرهُ، عَن أبي هُرَيْرَة «أَن رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم نهَى عَن المضامين والملاقيح»، وَرَوَاهُ الْبَزَّار فِي مُسْنده عَن مُحَمَّد بن الْمثنى، ثَنَا سعيد بن سُفْيَان، عَن صَالح بِهِ، وَزَاد «وحبل الحبلة» ثمَّ قَالَ: وَهَذَا الحَدِيث لَا نعلم أحدا رَوَاهُ عَن الزُّهْرِيّ، عَن سعيد، عَن أبي هُرَيْرَة إِلَّا صَالح بن أبي الْأَخْضَر وَلم يكن بِالْحَافِظِ. وَعَزاهُ الْحَافِظ ضِيَاء الدَّين الْمَقْدِسِي من هَذِه الطَّرِيق إِلَى كتاب الْبيُوع تأليف أبي بكر أَحْمد بن أبي عَاصِم، وَعَزاهُ إِلَيْهِ أَيْضا من طَرِيق عمرَان بن حُصَيْن، ورأيته فِي الطَّبَرَانِيّ الْكَبِير من حَدِيث إِبْرَاهِيم بن أبي حَبِيبَة، عَن دَاوُد بن الْحصين، عَن عِكْرِمَة، عَن ابْن عَبَّاس، فاستفد هَذِه الطّرق؛ فَإِنَّهَا عزيزة الْوُجُود، وَرَوَاهُ مَالك فِي الْمُوَطَّأ، عَن ابْن شهَاب مُرْسلا أَن سعيد بن الْمسيب كَانَ يَقُول: «لَا رَبًّا فِي الْحَيَوَان وَإِن رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم إِنَّمَا نهَى فِي بيع الْحَيَوَان عَن ثَلَاث: عَن المضامين، والملاقيح، وحبل الحبلة». والمضامين: مَا فِي بطُون إناث الْإِبِل، والملاقيح: مَا فِي ظُهُور الْجمال، وحبل الحبلة هُوَ بيع الْجَزُور إِلَى أَن تنْتج النَّاقة ثمَّ تنْتج الَّذِي فِي بَطنهَا. قَالَ الْبَيْهَقِيّ: وَفِي رِوَايَة الْمُزنِيّ عَن الشَّافِعِي أَنه قَالَ: المضامين مَا فِي بطُون الْجمال، والملاقيح: مَا فِي بطُون إناث الْإِبِل. قَالَ الْبَيْهَقِيّ: وَكَذَلِكَ فسّره أَبُو عبيد. وسُئل الدَّارَقُطْنِيّ عَن حَدِيث سعيد بن الْمسيب هَذَا، فَقَالَ فِي علله: رَوَاهُ مَالك هَكَذَا عَن الزُّهْرِيّ وَوَافَقَهُ معمر عَلَى ذَلِكَ، وَرَوَاهُ عمر بن قيس وَصَالح بن أبي الْأَخْضَر، عَن الزُّهْرِيّ، عَن سعيد، عَن أبي هُرَيْرَة مَرْفُوعا. قَالَ: وَالصَّحِيح غير مَرْفُوع من قَول سعيد غير مُتَّصِل. .الحديث الخَامِس: هَذَا الحَدِيث صَحِيح رَوَاهُ الشَّيْخَانِ فِي صَحِيحَيْهِمَا بِهَذَا اللَّفْظ من هَذَا الْوَجْه وروياه أَيْضا من حَدِيث أبي سعيد الْخُدْرِيّ، وَرَوَاهُ البُخَارِيّ من حَدِيث أنس وَالنَّسَائِيّ من حَدِيث ابْن عمر رَضي اللهُ عَنهم. .الحديث السَّادِس: .الحديث السَّابِع: .الحديث الثَّامِن: هَذَا الحَدِيث لم يُخرجهُ أحد من أَصْحَاب السّنَن وَالْمَسَانِيد، وبيض لَهُ الرَّافِعِيّ فِي تذنيبه وَاسْتَغْرَبَهُ النَّوَوِيّ فِي شرح الْمُهَذّب وَرَوَاهُ أَبُو مُحَمَّد بن حزم فِي محلاه، عَن مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل العذري القَاضِي بسرقسطة، نَا مُحَمَّد بن عَلّي الرَّازِيّ المطوعي، نَا مُحَمَّد بن عبد الله الْحَاكِم النَّيْسَابُورِي، ثَنَا جَعْفَر بن مُحَمَّد الخالدي، نَا عبد الله بن أَيُّوب بن زَاذَان الضَّرِير، نَا مُحَمَّد بن سُلَيْمَان الذهلي، نَا عبد الْوَارِث هُوَ ابْن سعيد التنوري قَالَ: قدمت مَكَّة فَوجدت بهَا أَبَا حنيفَة وَابْن أبي لَيْلَى وَابْن شبْرمَة، فَسَأَلت أَبَا حنيفَة عَن رجل بَاعَ بيعا وَاشْترط شرطا، فَقَالَ: البيع بَاطِل وَالشّرط بَاطِل، ثمَّ سَأَلت ابْن أبي لَيْلَى عَن ذَلِكَ، فَقَالَ: البيع جَائِز وَالشّرط بَاطِل، ثمَّ سَأَلت ابْن شبْرمَة عَن ذَلِكَ، فَقَالَ: البيع جَائِز وَالشّرط جَائِز، فَرَجَعت إِلَى أبي حنيفَة فَأَخْبَرته بِمَا قَالَا، فَقَالَ: لَا أَدْرِي مَا قَالَا، ثَنَا عَمْرو بن شُعَيْب، عَن أَبِيه، عَن جده: «أَن رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم نهَى عَن بيع وَشرط» البيع بَاطِل، وَالشّرط بَاطِل. فَأتيت ابْن أبي لَيْلَى فَأَخْبَرته بِمَا قَالَ: فَقَالَ: لَا أَدْرِي مَا قَالَا، ثَنَا هِشَام بن عُرْوَة، عَن أَبِيه، عَن عَائِشَة أَن رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: «اشْترِي بَرِيرَة واشترطي لَهُم الْوَلَاء البيع جَائِز وَالشّرط بَطل». فَأتيت ابْن شبْرمَة فَأَخْبَرته بِمَا قَالَا فَقَالَ: لَا أَدْرِي مَا قَالَا، ثَنَا مسعر بن كدام، عَن محَارب بن دثار، عَن جَابر بن عبد الله «أَنه بَاعَ من رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم جملا وَاشْترط ظَهره إِلَى الْمَدِينَة البيع جَائِز، وَالشّرط جَائِز». وَرَوَاهُ الْخطابِيّ فِي معالم السّنَن، عَن مُحَمَّد بن هَاشم بن هِشَام، نَا عبد الله بن فَيْرُوز الديلمي، نَا مُحَمَّد بن سُلَيْمَان الذهلي، نَا عبد الْوَارِث بن سعيد، قَالَ: قدمت مَكَّة... فَذكرهَا كَمَا سَاقهَا ابْن حزم وفيهَا «فَقلت: يَا سُبْحَانَ الله، ثَلَاثَة من فُقَهَاء الْعرَاق اخْتلفُوا فِي مَسْأَلَة وَاحِدَة، فَأتيت أَبَا حنيفَة فَأَخْبَرته بِمَا قَالَا....» وساقها كَمَا تقدم، وَفِي الْجُزْء الثَّالِث من الْأَعْيَان الْجِيَاد من مشيخة بَغْدَاد تَخْرِيج الْحَافِظ شرف الدَّين الدمياطي أَن ابْن أبي الفوارس قَالَ: هَذَا حَدِيث غَرِيب من حَدِيث ابْن شبْرمَة، عَن مسعر. وَهَذَا الحَدِيث تفرد بِهِ عبد الْوَارِث بن سعيد، وَعَزاهُ عبد الْحق فِي أَحْكَامه إِلَى تَخْرِيج ابْن حزم فَقَالَ: خرجه أَبُو مُحَمَّد- يَعْنِي ابْن حزم- من طَرِيق مُحَمَّد بن عبد الله الْحَاكِم. قَالَ ابْن الْقطَّان: وَكَأَنَّهُ يَعْنِي عبد الْحق تَبرأ من عهدته بِذكر إِسْنَاده، وعلته ضعْف أبي حنيفَة فِي الحَدِيث، فَأَما عَمْرو عَن أَبِيه عَن جده فَإِن مذْهبه- يَعْنِي: عبد الْحق- عدم تَضْعِيفه. قلت: وَفِي الْبَاب حَدِيث قريب مِنْهُ وَهُوَ مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ فِي سُنَنهمْ، وَابْن حبَان فِي صَحِيحه والْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه من حَدِيث عبد الله بن عَمْرو رَضي اللهُ عَنهما، قَالَ: قَالَ رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم: «لَا يحل سلف وَبيع، وَلَا شَرْطَانِ فِي بيع، وَلَا ربح مَا لم يضمن، وَلَا بيع مَا لَيْسَ عنْدك» هَذَا لَفظهمْ خلا ابْن حبَان، فَإِن لَفظه: «أَنه عَلَيْهِ السَّلَام كتب إِلَى أهل مَكَّة لَا يجوز شَرْطَانِ فِي بيع، وَلَا بيع وَسلف جَمِيعًا، وَلَا ربح مَا لم يضمن» قَالَ التِّرْمِذِيّ: حَدِيث حسن صَحِيح. وَقَالَ الْحَاكِم: هَذَا حَدِيث صَحِيح عَلَى شَرط جملَة من أَئِمَّة الْمُسلمين، قَالَ: وَرَوَاهُ عَطاء الْخُرَاسَانِي، عَن عَمْرو بن شُعَيْب بِزِيَادَة أَلْفَاظ، فَذكره بِإِسْنَادِهِ إِلَى عبد الله بن عَمْرو بن العَاصِي، قَالَ: «قلت: يَا رَسُول الله، إِنِّي أسمع مِنْك أَشْيَاء أَخَاف أَن أَنْسَاهَا، فتأذن فِي أَن أَكتبهَا؟ قَالَ: نعم. قَالَ: فَكَانَ فِيهَا: كتبت عَن رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه لما بعث عتاب بن أسيد إِلَى أهل مَكَّة، قَالَ: أخْبرهُم أَنه لَا يجوز بيعان فِي بيع، وَلَا بيع مَا لَا يملكك، وَلَا سلف فِي بيع وَلَا شَرْطَانِ فِي بيع» وَرَوَى هَذَا الحَدِيث أَعنِي حَدِيث عَطاء، عَن عَمْرو: الْبَيْهَقِيّ فِي خلافياته، وَالنَّسَائِيّ فِي كتاب الْعتْق، ثمَّ قَالَ: هَذَا حَدِيث مُنكر وَهُوَ عِنْدِي خطأ. .الحديث التَّاسِع: هَذَا الحَدِيث سلف بَيَانه فِي الْبَاب قبله فَرَاجعه مِنْهُ. .الحديث العَاشِر: هَذَا الحَدِيث صَحِيح أخرجه الشَّيْخَانِ فِي صَحِيحَيْهِمَا كَذَلِك من حَدِيث عَائِشَة رَضي اللهُ عَنها فِي قصَّة بَرِيرَة. .الحديث الحَادِي عشر: هَذَا الحَدِيث صَحِيح أخرجه الشَّيْخَانِ أَيْضا فِي صَحِيحَيْهِمَا، والرافعي ذكره دَلِيلا لأظهر الْقَوْلَيْنِ، أَن البيع بِشَرْط الْعتْق صَحِيح، والْحَدِيث فِيهِ اشْتِرَاط الْوَلَاء لَيْسَ فِيهِ البيع بِشَرْط الْعتْق، فَلْيتَأَمَّل ذَلِكَ. .الحديث الثَّانِي عشر: هَذَا الحَدِيث صَحِيح، أخرجه الشَّيْخَانِ فِي صَحِيحَيْهِمَا من حَدِيث عَائِشَة أَيْضا، وَكَذَا مَا رَوَاهُ الرَّافِعِيّ بعد هَذَا من «أَن عَائِشَة أخْبرت النَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن مواليها لَا يبيعونها إِلَّا بِشَرْط أَن يكون الْوَلَاء لَهُم، فَقَالَ لَهَا رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم: اشْترِي واشترطي لَهُم الْوَلَاء» قَالَ الرَّافِعِيّ: والصائرون إِلَى الْفساد لم يثبتوا الْإِذْن فِي شَرط الْوَلَاء، وَقَالُوا: إِن هشامًا تفرد بِهِ وَلم يُتَابِعه سَائِر الراوة عَلَيْهِ، فَيحمل عَلَى وهم وَقع لَهُ؛ لِأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَام لَا يَأْذَن فِيمَا لَا يجوز، وَبِتَقْدِير الثُّبُوت تكلمُوا عَلَيْهِ من وُجُوه يطول ذكرهَا، وَأما من صَححهُ قَالَ: إِنَّه نَهَاهُم عَن الْإِتْيَان بِمثل هَذِه الشُّرُوط، ولما جرت أنكر عَلَيْهِم لارتكابهم مَا نَهَاهُم عَنهُ، لكنه صحّح وَقد ينْهَى عَن الشَّيْء ثمَّ يُصَحِّحهُ. هَذَا مَا ذكره، وَقد أوضحت الْكَلَام عَلَيْهِ فِي شرح العُمْدة وحُكيت فِيهِ أوجه سِتَّة وَقد قيل: إِن عبد الرَّحْمَن بن أَيمن تَابع هشامًا عَلَيْهِ، عَن أَبِيه، عَن عَائِشَة. .الحديث الثَّالِث عشر: هَذَا الحَدِيث صَحِيح أخرجه الشَّيْخَانِ فِي صَحِيحَيْهِمَا بِهَذَا اللَّفْظ كُله من رِوَايَة ابْن عمر رَضي اللهُ عَنهما وَسَيَأْتِي فِي بَابه. .الحديث الرَّابِع عشر: هَذَا الحَدِيث صَحِيح أخرجه الشَّيْخَانِ من حَدِيث ابْن عمر كَذَلِك، وَهُوَ حَدِيث وَاحِد لَهُ طرق وَسَتَأْتِي مُوضحَة فِي بَاب الْخِيَار إِن شَاءَ الله. .الحديث الخَامِس عشر: هَذَا الحَدِيث صَحِيح رَوَاهُ مُسلم فِي صَحِيحه مُنْفَردا بِهِ كَذَلِك من حَدِيث سعيد بن الْمسيب، عَن معمر بن عبد الله الْعَدوي بِهِ «قيل لسَعِيد: فَإنَّك تحتكر! قَالَ سعيد: إِن معمرًا الَّذِي كَانَ يحدث بِهَذَا الحَدِيث كَانَ يحتكر» وَفِي رِوَايَة لَهُ: «من احتكر فَهُوَ خاطئ» وَرَوَاهُ بِاللَّفْظِ الأول التِّرْمِذِيّ وَفِي آخِره «فَقلت لسَعِيد: يَا أَبَا مُحَمَّد، إِنَّك تحتكر! قَالَ: وَمعمر كَانَ يحتكر» وَكَذَا أخرجه أَبُو دَاوُد وَفِي آخِره «قلت لسَعِيد: إِنَّك تحتكر! قَالَ: وَمعمر كَانَ يحتكر» وَالْقَائِل لسَعِيد هُوَ رَاوِيه عَنهُ مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم، وَفِي كتاب أبي مَسْعُود الدِّمَشْقِي عَن ابْن الْمسيب أَنه كَانَ يحتكر الزَّيْت. وَفِي التِّرْمِذِيّ: من قَوْله: إِنَّمَا كَانَ سعيد بن الْمسيب يحتكر الزَّيْت وَالْحِنْطَة وَنَحْو هَذَا. وَقَالَ أَبُو دَاوُد: كَانَ سعيد يحتكر النَّوَى والخبط والبزر. وَنقل عَن ابْن عبد الْبر وَغَيره عَن سعيد وَمعمر «أَنَّهُمَا كَانَا يحتكران الزَّيْت خَاصَّة» وأنهما حملا الحَدِيث عَلَى احتكار الْقُوت للْحَاجة إِلَيْهِ، وَكَذَا حمله أَصْحَابنَا، وَفِي سنَن الْبَيْهَقِيّ عَن سعيد أَنه كَانَ يحتكر الزَّيْت لَيْسَ إلاَّ، ثمَّ قَالَ الْبَيْهَقِيّ: ظَنِّي أَنَّهُمَا احتكرا عَلَى غير الْوَجْه الْمنْهِي عَنهُ. قَالَ أَبُو دَاوُد: وَسَأَلت أَحْمد مَا الحكرة؟ قَالَ: مَا فِيهِ عَيْش النَّاس. قَالَ ابْن الْأَثِير: والحكر الاحتكار. وَاعْلَم أَن ابْن بدر الْموصِلِي رد هَذَا الحَدِيث فِي كِتَابه الْمُغنِي بِأَن قَالَ: الرَّاوِي إِذا خَالف الحَدِيث دلّ عَلَى نسخه أَو ضعفه. قَالَ: ثمَّ هُوَ من أَفْرَاد مُسلم. قلت: الرَّاجِح فِي الْأُصُول أَن الْعبْرَة بِمَا رَوَى لَا بِمَا رَأَى وأفراد مُسلم حجَّة، نعم قَالَ الْحَاكِم: هَذَا الحَدِيث أحد مَا ينْقض عَلَيْهِ- أَعنِي عَلَى مُسلم- أَن لَا يَصح حَدِيث صَحَابِيّ لَا يروي عَنهُ تابعيان، فَإِن معمرًا هَذَا لَيْسَ لَهُ راو غير سعيد بن الْمسيب. قلت: بلَى رَوَى عَنهُ بسر بن سعيد وَعبد الرَّحْمَن بن جُبَير الْمصْرِيّ وَغَيرهمَا فَلَا نقض عَلَى مَا ادَّعَاهُ عَنهُ، وَهنا أُمُور أُخْرَى نبهت عَلَيْهَا فِي تخريجي لأحاديث الْمُهَذّب فَرَاجعهَا مِنْهَا. فَائِدَة: الخاطئ بِالْهَمْزَةِ العَاصِي الآثم قَالَه أهل اللُّغَة وَكَذَا فسره الرَّافِعِيّ فِي الْكتاب. .الحديث السَّادِس عشر: هَذَا الحَدِيث رَوَاهُ ابْن مَاجَه فِي سنَنه من حَدِيث عَلّي بن سَالم بن ثَوْبَان، عَن عَلّي بن زيد بن جدعَان، عَن سعيد بن الْمسيب، عَن عمر بن الْخطاب مَرْفُوعا بِاللَّفْظِ الْمَذْكُور، وهَذَانِ العليان: ابْن ثَوْبَان وَابْن جدعَان ضعيفان، وَالثَّانِي أخرج لَهُ مُسلم مُتَابعَة وَاحْتج بِهِ بَعضهم وَرَوَاهُ الْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه من هَذَا الْوَجْه بِاللَّفْظِ الْأَخير ثمَّ قَالَ: خرجته وَإِن لم يكن من شَرط الْكتاب احتسابًا لما فِيهِ النَّاس من الضّيق، وَلما رَوَاهُ الْعقيلِيّ فِي تَارِيخ الضُّعَفَاء قَالَ: عَلّي بن سَالم قَالَ البُخَارِيّ: لَا يُتَابع عَلَى حَدِيثه. وَقَالَ الْعقيلِيّ: لَا يُتَابِعه عَلَيْهِ أحد بِهَذَا اللَّفْظ. وَذكره رزين فِيمَا عزاهُ ابْن الْأَثِير إِلَيْهِ عَن ابْن عمر، عَن عمر: «الجالب مَرْزُوق، والمحتكر محروم» وَفِي الطَّبَرَانِيّ الْكَبِير من حَدِيث عبد الْوَهَّاب بن مُجَاهِد- أحد الضُّعَفَاء- عَن أَبِيه، وَلم يسمع مِنْهُ، عَن العبادلة- عبد الله بن عمر، وَعبد الله بن عَبَّاس، وَعبد الله بن الزبير، وَعبد الله بن عَمْرو- مَرْفُوعا: «التَّاجِر ينْتَظر الرزق، والمحتكر ينْتَظر اللَّعْنَة...» الحَدِيث بِطُولِهِ كَذَا وَقع فِيهِ تَسْمِيَة العبادلة. .الحديث السَّابِع عشر: هَذَا الحَدِيث رَوَاهُ بِهَذَا اللَّفْظ أَحْمد فِي مُسْنده وَالْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه من حَدِيث ابْن عمر مَرْفُوعا بِزِيَادَة: «وَأَيّمَا أهل غرصة أصبح فيهم امْرُؤ جَائِع فقد بَرِئت مِنْهُم ذمَّة الله» وَاعْتذر الْحَاكِم عَن إِخْرَاج هَذَا الحَدِيث فِي كِتَابه بِمَا اعتذر بِهِ فِي الحَدِيث قبله، وَيُشبه أَن فِي إِسْنَاده أصبغ بن زيد الْجُهَنِيّ مَوْلَاهُم الوَاسِطِيّ، وَفِيه مقَال، وَثَّقَهُ يَحْيَى بن معِين، وَقَالَ النَّسَائِيّ: لَيْسَ بِهِ بَأْس. وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: ثِقَة. وَقَالَ ابْن عدي: لَهُ أَحَادِيث غير مَحْفُوظَة. وسَاق لَهُ ثَلَاثَة أَحَادِيث هَذَا أَحدهَا، قَالَ: ولاأعلم رَوَى عَنهُ غير يزِيد بن هَارُون وَاعْترض عَلَيْهِ الذَّهَبِيّ فِي الْمِيزَان فَقَالَ: رَوَى عَنهُ عشرَة أنفس. وَقَالَ ابْن حبَان: كَانَ يُخطئ كثيرا لَا يجوز الِاحْتِجَاج بِخَبَرِهِ إِذا انْفَرد. وَفِي سَنَد الْحَاكِم أَيْضا عَمْرو بن الْحصين وَهُوَ مَتْرُوك، وَذكره ابْن الْجَوْزِيّ فِي مَوْضُوعَاته وَقَالَ: إِنَّه حَدِيث لَا يَصح مُعَللا لَهُ بِضعْف أصبغ، وَلَا يَنْبَغِي أَن يكون هَذَا الحَدِيث بِسَبَبِهِ مَوْضُوعا. وَقَالَ ابْن أبي حَاتِم فِي علله: سَأَلت أبي عَنهُ فَقَالَ: حَدِيث مُنكر وأَبُو بشر الْمَذْكُور فِي إِسْنَاده لَا أعرفهُ يَعْنِي الَّذِي رَوَاهُ أصبغ عَنهُ، لكنه فِي مُسْند أَحْمد أَبُو بشر بن الزَّاهِرِيَّة وَكَذَا سَاقه ابْن حزم فَكَانَ صَوَابه أَبُو بشر عَن أبي الزَّاهِرِيَّة، فَفِي الضُّعَفَاء لِابْنِ الْجَوْزِيّ أَبُو بشر عَن أبي الزَّاهِرِيَّة، قَالَ يَحْيَى بن معِين: لَا شَيْء. وَتَبعهُ الذَّهَبِيّ فِي الْمُغنِي وَلما أوردهُ ابْن حزم من هَذَا الْوَجْه بِلَفْظ «من احتكر طَعَاما أَرْبَعِينَ يَوْمًا...» إِلَى آخِره قَالَ: إِنَّه لَا يَصح؛ لِأَن أصبغ بن زيد وَكثير بن مرّة رَاوِيه عَن ابْن عمر مَجْهُولَانِ وَهَذَا عَجِيب مِنْهُ فأصبغ قد رَوَى عَن جمَاعَة وَعنهُ جمَاعَة وَقد علمت حَاله، وَكثير بن مرّة رَوَى عَن جمَاعَة، وَأرْسل عَن النَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم وَعنهُ جمَاعَة وَوَثَّقَهُ ابْن سعد وَالنَّاس، وَأخرج لَهُ أَصْحَاب السّنَن الْأَرْبَعَة.
|